لننتبه قبل فوات الأوان
اليوم 02 أوت 2013
لننتبه قبل فوات الأوان .
تحدث الكثير من الناس ، داخل البلاد و في الخارج ، و نشر الخاص و العام أن ما حدث بين يومي 17 و 14 يمثل أو يعتبر ثورة ، سرعان ما نعتها البعض بـ " ثورة الياسمين" .
انتفاضة شعبية ليست كسابقاتها ، و تلنها هبة جماهيرية واسعة و شاملة .
فما الذي تغير بعد 14 ؟ لا شيء تقريبا ، ما عدى حرية التعبير و حرية الكلمة و حرية الفوضى و حرية الاستبداد ....
يوم 23/10/2011 أحزاب سياسية و قائمات حزبية و أخرى مستقلة قبلت المشاركة في الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس وطني تأسيسي جديد، ، لصياغة دستور آخر غير دستور 1959 ؛ و ليس لتكوين حكومة ( أو برلمان
النتائج جاءت مغايرة لانتظار جميع المشاركين تقريبا ، و خاصة منهم بعض الأحزاب ( كالحزب التقدمي الديمقراطي ... ) ؛ وعلى العكس من ذلك ، كانت النتائج بالنسبة لحزب " حركة النهضة " أكثر من مفاجئة ؛ بمعنى أنها كانت غير متوقعة ، حتى بالنسبة لقيادات الحركة أنفسهم ؛ فكانت عندهم جد سارة ؛ إذ كانت نسبة النجاح ضعف ما كان مرتقب منها أن تكون ( حوالي 40 بالمائة ، بدل 20 بالمائة ) .
تقبلت بقية الأحزاب تلك النتائج ؛ بل و رأت في الانتخابات أنها حرة و نزيهة و شفافة .
على أساسها ، قبل أعضاؤها المنتخبون المساهمة في مختلف أعمال المجلس ، إلى جانب الأعضاء المنتمين إلى التحالف الثلاثي ( النهضة و المؤتمر و التكتل ، الحاصلين على ما يقارب 64 بالمائة من أصوات المجلس : 138 مقعدا ) . و تم الاقتراع على القانون المنظم للسلطات العمومية المؤقتة بنسبة فاتت 74 بالمائة من جملة الأصوات ( 161 صوتا ، من ضمن 217 ) .
الأقليات داخل التأسيسي تكونت في الجملة من 79 عضوا ؛ 23 منهم ( و هم يمثلون 10،6 بالمائة من مجموع الــ 217 عضوا و بعبارة أخرى 29 بالمائة من مجموع الأقليات ) صوتوا بنعم عند الاقتراع على " الدستور الصغير. " .
بحيث ، فقط حوالي 26 بالمائة ( و هو ما يعادل ربع أعضاء التأسيسي ، أو يزيد بقليل ، بين معارض و محتفظ بصوته ) رفضوا التصويت بنعم ضد القانون المنظم للسلطات العمومية المؤقتة .
ما يلاحظ اليوم ، من خلال مواقف الأحزاب الحاكمة و المعارضة و عديد الجمعيات و المنظمات التونسية ، و كذلك الرئاسات الدستورية الثلاث ، تجنب هؤلاء جميعا تناول مسألة معالجة الأزمة السياسية الحالية في أطرها الحقيقية ؛ بل سعوا و بكل الحيل المتاحة لهم ، في البحث عن حلول لها خارج الأطر الشرعية الموجودة ( انتخابية كانت أو شعبية أو دستورية أو حتى ثورية ) .
لم يعد خافيا على أحد كثرة إخلال المجلس التأسيسي في ما يتعلق بأدائه ، رئاسة و أعضاء ؛ و ذلك حتى قبل موفى السنة الأولى من انبعاثه . كذلك إخفاقات حكومات المرحلة الانتقالية الأولى و المرحلة الانتقالية الثانية ، و خاصة في ما يتعلق بتوفير الأمن الوطني و تحقيق الاستقرار الاجتماعي .
المعادلات السياسية و غيرها ( أمنية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية ... ) في واقع الأمور لم تتبدل ، تقريبا ، منذ إعلان السيد محمد الغنوشي توليه لرئاسة الدولة ( يوم 14/01/2011 ) . طبيعة نظام الدولة في حد ذاته ، و أقصد بذلك الحالة السياسية المرتبطة ( نشوزا ) بما يسمى " الاستبداد " لم نشهد لها تغييرا يذكر ؛ في ما عدى ربما ( و أشدد على قولي " ربما " ) الفترة الممتدة بين ساعة تعيين السيد المبزع رئيسا مؤقتا ( على أن يكون الأول و الأخير ، من الناحية الدستورية ) و تاريخ وجوب بل حتمية تقديم استقالته من رئاسة الدولة يوم 15/03/2011 ( بعد أن يكون قد دعى ، قبل ذلك ، إلى انتخابات رئاسية ) . منذ ذلك التاريخ ، الاستبداد ، في مستوى تسيير دواليب الدولة ، لم يكد ينقطع ( ممارسة مخفية ، متخفية ، متسترة ، مستترة ) و تواصل تحت غطاء شرعية مزيفة ، أراد بعض من كان يمسك بالسلطة ( السلطات ) أو يطمع في مسكها ( قوى معينة ، من قوى الردة ) تمريرها و بالتالي تبريرها .
على ما أعهد و ما أعلمه ، القوانين الدستورية لا تعهد للحكومات دور حل البرلمانات ، بينما في تونس و باسم " الثورة و الإصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي ؟؟؟؟ " حكومتنا ( حكومة السيد القائد السبسي و رئيسه السيد فؤاد المبزع ) تقرر و تصادق على حل البرلمان ، بداية من 19 مارس 2011 ، .
قبل ذلك بشهر ، في 18 فيفري 2011 ، تم تأسيس " الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي " ، لتحل بدل البرلمان و بدل دستور 1959 ؛ الذي تم تجميد العمل بمقتضاه .ضمت الهيئة 28 حزبا ومنظمة ، إلا أنها سرعان ما تغيرت من حيث دورها و وظائفها ، متحولة من هيئة استشارية إلى سلطة تشريعية ، علما و أنها هيئة غير منتخبة ؛ و أن العديد من القوى سحبت ممثليها منها ؛ و اعتبرها البعض من القوى السياسية معيقة و معرقلة لمسار التحول الديمقراطي ؛ و أن الأقلية بداخلها فرضت وصايتها على الأغلبية ...
شكل آخر من أشكال مصادرة السلطة و التفرد بالنفوذ ( بمعنى الاستبداد ).
و للحديث بقية