نحو إمكانية مصالحة وطنية حقيقية
6/10/2013
To: redaction.lemagreb@gmm.tn
في المصالحة مع النفس و مع الغير ( من المواطنين )
مصالحتنا مع الوطن و مع الدولة و مع الأحزاب
إرضاء المواطن غاية لا تدرك ، و لكنها قابلة للتحقيق ؛ في حين خدمته ممكنة و سهلة التحقيق ... و هكذا تسهل مصالحته .
مثل هذه المصالحة يجب أن تشمل كل المواطنين ، فردا فردا ؛ مهما كان موقع المواطن و انتماءه الاجتماعي أو الجمعياتي أو الحزبي ، و مهما كان مركزه .
مواطنونا ، و هم ما يقارب من حيث العدد 12000000 تونسي ، يتقاسمون رقعة الوطن لغاية التعايش بداخله جماعيا ، في كنف الأمن و السلام ؛ و يتسابقون ضرورة في ما بينهم ، سعيا منهم لتنمية ثرواته و بحثا عن تقاسمها بشكل يحقق أكثر ما يمكن من عدالة .
منذ انبعاث النظام الجمهوري و صياغة دستور 1959 ، الشعب التونسي ( المقترعون ، و عدده حاليا يتجاوز 000 000 4 نسمة )و رغم تنوعه ظل موحدا و متماسكا ؛ وهو الخليط البشري المتنوع الجذور التاريخية ، العرقية منها ( بربر و عرب و يهوذ أو يهود) و الثقافية ( تأثيرات متنوعة ، قد لا يسهل حضرها ) و الدينية ( لا أدرية ، يهودية ، مسيحية و إسلامية ) ,
شعب تمكن من مصالحة ماضيه مع حاضره ( التفتح على العالم الغربي و الحفاظ على المكونات الأساسية الاصيلة ) ، وفق في ما سعى إليه بفضل قيادات تاريخية متعاقبة على امتداد آلاف السنين ، مكنته من اكتساب ذاتية تونسية متميزة و بشكل جد سباق و مبكر ، و في أكثر من مستوى ؛ و مثال ذلك :
1 - الذاتية السياسية ، و تمثلت في :
أ – إنتاج الدساتير ؛
ب - تشكل الدولة التونسية ككيان مستقل ، في العهود القرطاجية و الأغلبية و الحسينية ؛
ج - استقرار الدولة ؛ قبل العهد الجمهوري ( العهد الحسيني ) ، و بعده
د - اتخاذ الإجراءات الإصلاحية بإتباع التمشي الإصلاحي في إدخال التغييرات على الدولة ، بدل الإجراء الثوري ؛
2 - الذاتية الدينية ، و تمثلت في :
أ - سواد المذهب السني على النسيج الديني المتنوع و المتعدد ،
ب - تعايش الكل مع الكل ، في ظل التسامح الديني و الاجتماعي ؛ المواطنون و الأديان و المذاهب المتنوعة ( التابعة للأديان السماوية )
و المختلفة ( المذاهب الإسلامية )
ج - حرية تعاطي الشعائر الدينية و حرمة المؤسسات ذات الطابع الديني ( المقابر و دور العبادة و الزوايا ) ؛ في كل الأزمنة ، قبل أسلمة البلاد
في القرن السابع ميلادي و بعده
د - حماية الدولة للمشاعر الدينية و العقائدية ، و بالتالي عدم الفصل بين الدولة والدين
أسبقية الواجبات على الحقوق
لما يتحقق باسم المواطنة و الوطن ، إيمان الجميع ، قيادات و قواعد ، إيمانا صادقا بحتمية أسبقية القيام بالواجبات قبل المطالبة بالحقوق ، و العمل بمقتضى هذا المبدأ :
1 - واجب خدمة المواطن ، و في ذلك حماية لتماسك الوطن ،
2 - واجب خدمة الشعب ، قبل خدمة الجمعية المدنية أو الحزب السياسي ،
3 - واجب خدمة الحكومة ، و لو كنا في المعارضة ، من أجل معاضدتها في ما فيه خدمة الصالح العام ، بدل السعي إلى الإطاحة بها ،
4 – و لكل ما سبق ، واجب خدمة الدولة ، حماية لاستقرارها و استمرارها .
فإذا ما اشتركنا ( جميعنا أو أغلبنا ) في هذا ، كما نشترك حاليا في الوطن الواحد ، فإننا سنقدر على مصالحة أنفسنا ( داخل الجمعية الواحدة و داخل الحزب الواحد و داخل النقابة الواحدة ... و داخل الوطن الواحد ) و على مصالحة غيرنا ، فتتصالح ؛ و بالتالي تصلح مختلف مكونات الدولة التونسية ، لتصالح الشعب مع الحكومة ، عندما يقع الوئام بين الحكومة و الشعب .
من واجب الأحزاب السياسية ،
1 - التي هي في الحكم ( الماسكة للسلطة التنفيذية ) ،
2 - أو التي هي في السلطة ( البرلمان ، مثلا ) ،
3 - أو التي هي المسيطرة على كلتي السلطتين التنفيذية و التشريعية ،
4 - أو التي ظلت خارجا كلتا السلطتين التنفيذية و التشريعية
على كل هذه الأحزاب :
1 - واجب المصالحة أولا مع الشعب و بقية المواطنين ، لأنه ومهما اتسعت القواعد الشعبية الحزبية الانتخابية ، فإن الحزب ( الأحزاب ) لن يقدر على حماية مصالح البقية من الشعب ، تلك التي لم تدفع بهذا الحزب أو ذاك إلى السلطة ، أو التي حالت دون تحقيق لأغلبية " برلمانية " .
2 - على كل هذه الأحزاب واجب المصالحة ، ثانيا ، مع الدولة
3 – و لا يكون ذلك و يتحقق ، إلا بــمصالحة بعضها البعض ، خدمة لمنخرطيها و لبرامجها و خدمة للشعب الذي خرج من رحمه الكل ( كالتوائم الكثرة التي تخرج من نفس الرحم )
مصالحة الحزب لمكوناته الذاتية
بين القيادات الداخلية
بين القمة و القواعد
و مع المجتمع
لكي يتحقق ذلك لا بد من إتباع بعض القواعد العامة :
1 - تجنب خدمة الشخص الواحد أو فئة حزبية دون أخرى ، و وجوب خدمة جميع العائلة الحزبية ، وهو الشيء الذي يجعلها متضامنة و متماسكة ،
2 - القيام بالمهام و ممارسة السلطة دون اعتماد التسلط أو اللجوء إليه ،
3 - دعم النفوذ و نبذ التنفذ ،
4 - دعم مفهوم القيادة الجماعية ،
5 - فرض إتباع السلوك الديمقراطي على القيادة ، و العزوف عن الزعامتية ( زعامة الشخص الواحد ) ,
6 - خدمة مصالح الحزب من خلال خدمة المصلحة العامة ، و ليس على حسابها ،
7 - الابتعاد عن التحزب و الانكماش السياسي ، و إتباع العمل الحزبي و الانفتاح السياسي ،
8 - تشجيع المنضوين للحزب المستعملين للكلمة الحرة و للتعبير الصادق مع اعتماد الجدل الحقيقي ،
9 - تفضيل اعتماد الاقتراع ( السري ) بدل استعمال التوافق ،
10 - عدم اعتماد الإجماع ، في ما يتعلق ببعض المقترحات المنفردة ( الصادرة عن عضو أو قيادة داخلية ما ) و الصائبة ،
11 - اعتماد الإجماع ، في ما يتعلق ببعض التسميات الحزبية أو بعض الاختبارات السياسية الغير مصيرية ، في حالة عدم وجود انتخابات لم يحددها
النظام الأساسي ،
12 - التخلي عن فكرة إبعاد أو إقصاء أو طرد من يصنف بالعصاة ، ما لم يحدد كل من النظام الأساسي و النظام الداخلي للحزب ذلك العصيان ،
13 - الحد من القطيعة الناشئة بين الحزب ( خاصة لما يعظم شأنه ) و المجتمع أو المحيط الحقيقي ، الذي يتحرك بداخله يوميا كل مواطن ،
14 - على كل حزب جدير بالنشاط السياسي أن لا ينسى أنه لم يعد ممكنا و بالكامل خداع المواطن ،
15 - على القيادات الحزبية ، مهما عظم شأنها ، أن تقتنع بـأن المواطن غالبا ما أصبح يرفض المشاركة في أي خداع سياسي ، تنتهجه قيادات الحزب .
مصالحة الأحزاب في ما بينها
كل حزب سياسي يؤسس لمخططات ذاتية و يعد لندوات معلومة و يرسم لرهانات معينة :
1 - و ذلك من أجل إبقاء نخبة سياسية معينة في مواقعها القيادية ، ومعها ما يتبعها من شبكات موالية ،
2 - و من أجل الدفاع على آراء اجتماعية محددة ( من اليمين كانت أو من اليسار ) وبلورة آداب معينة و إرسائها من جهة أولى في محيط الحزب ، و في المجتمع ، من جهة أخرى ، نعاين لدى كل حزب تعاظم ظاهرة أخلاقية سياسية جديدة ، تتمثل في تبريك ذاتي لرئيسه ، نراها أولا من خلال الدعايات الحزبية ، و ثانبا بمناسبة تنظيم الانتخابات و ثالثا و بالأخص خلال كبريات اللقاءات الإعلامية( التي غالبا ما تتخذ في بعض المناسبات شكل قداس إعلامي ) ؛ و من ناحية أخرى نسجل تزايد النزاعات الداخلية و احتدادها ( عند احتداد المنافسة بين الأعضاء القيادية للحزب الواحد ) ، تلك المؤدية إلى ظهور تمزق مقيت (عندما يتعلق الأمر مثلا بالحصول على موقع قيادي أو تعيين مرشح للانتخاب ) وانشقاقات قد تكون غير محمودة العواقب حزبيا و وطنيا أيضا (عند حياد الأحزاب عن أهدافها أو عن برامجها ... )
3- قل ما تتناول الأحزاب في مداولاتها الداخلية تدارس الوسائل المؤدية إلى حيازة تقدم حقيقي في المجتمع ، و لئن تم لها ذلك فإن المسألة تتخذ عموما شكل " الخطاب الكاذب " و السطحي ( فلا نرى سوى واجهة براقة أو جميلة ) ؛ و لا يقع تحديد العلاقات التضمينية ، و خاصة منها تلك المتصلة بالنضال الحزبي و السياسي ( تفعيلا للعمل النضالي و خاصة منه القاعدي ) و بلورة منافذ ممهدة لمنطلقات تقدمية جادة .
الإنسان لم يعد يحتل مركز الاهتمام في مشروع الأحزاب ؛ و ظل الاقتصاد يفيد أقليات صغيرة